النطقين مشتمل على ما اشتمل عليه مثله إذا نطق به واحد، وليس بكلام لعدم اتحاد الناطق، لأن الكلام، عمل واحد، فلا يكون عامله إلا واحدًا.

ورد ذلك بأن اتحاد الناطق لا يعتبر، كما لا يعتبر اتحاد الكاتب، لو كتب واحد "قام" وآخر "زيد" لسميت تلك كتابةً وخطًا، فكذلك الكلام.

ولا يعترض على هذا بعدم ترتب أثر الإقرار في نحو لو قال واحد "لزيد" وقال الآخر: "عندي درهم"؛ لأن ذلك أمر شرعي لا يترتب الأثر إلا على من نطق بجملة الإقرار، فليس من صرح الكلام بالنسبةً إلى كل واحدًا منهما وإن كان كلامًا بالنسبةً إلى تركبه منهما.

ورد ذلك أيضًا بأن كل واحد من الناطقين إنما اقتصر على أحد الجزأين اتكالًا على نطق الآخر، فمعناها مستحضر في ذهنه, فمجموع ذلك المعنى والكلمة التي نطق بها كلام، كما يكون كلامًا قول من رأى شبحًا فقال: زيد، أي: هذا زيد.

ومما يدل على أن هذا كلام قصة امرئ القيس والتوأم اليشكري "قال أبو عمرو بن العلاء: كان امرؤ القيس ينازع من يدعي الشعر، فنازع التوأم اليشكري، فقال: إن كنت شاعرًا فملط أنصاف ما أقول وأجزها، قال: نعم"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015