ونحن نقول: إنها حرف ابتداء، والذي نقول: إنها في مثل هذا حرف ابتداء، ولولا ظهور النصب في المضارع بعد حتى لم ندع أن مضمرة بعدها، ولهذا قال بعض شيوخنا: "ضابط حتى أن تقول: إذا كان بعدها مفرد مخفوض أو فعل مضارع منصوب فهي حرف جر، وإذا وقع بعدها اسم مفرد مرفوع أو منصوب فهي حرف عطف، فإن وقع بعدها جملة فهي حرف ابتداء".

وقال أيضًا: "اعلم أنها إذا كانت حرفًا من حروف الابتداء فإنها تقع بعدها جملة من فعل وفاعل، وجملة من مبتدأ وخبر. وإذا وقع بعدها إن كانت مكسورة، بخلاف الجارة والعاطفة، فإنها تكون مفتوحة. وإذا قلت: سرت حتى أدخل المدينة، ورفعت أدخل-كانت حتى حرف ابتداء، وكان معناها معنى الفاء، كأنك قلت: سرت فأنا الآن أدخلها لا أمنع من ذلك، وسرت فدخلتها، ثم وضع المضارع موضوع الماضي، كما جاء:

لعمري لقوم قد ترى أمس فيهم ................................... "

انتهى.

وقد تقدم لنا ذكر الخلاف في الجملة الابتدائية أهي في موضع جر أم لا موضع لها من الإعراب، ومذهب الجمهور أنها لا موضع لها من الإعراب. وإنما لم يجز أن تكون الجملة في موضع جر لأن الجمل لا تدخل عليها حروف الجر في فصيح الكلام، لا يقولون: عجبت من يقوم زيد، ولا: عجبت من زيد قائم؛ لأن ذلك ضرب من تعليق حروف الجر، وحروف الجر لا تعلق؛ ألا ترى كيف فحش س: أشهد بلذاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015