عينت ليلًة، فما زلت حتى ... نصفها راجيًا، فعدت يؤوسا"

انتهى.

وما نقله عن الزمخشري هو قول أصحابنا، قال بعضهم: "ولا يكون الاسم الذي انجر بها إلا آ×ر جزء من الشيء، نحو قولك: أكلت السمكة حتى رأسها، أو ملاقيًا لآخر جزء منه، نحو قولك: سرت النهار حتى الليل، ولو قلت: أكلت السمكة حتى وسطها، وسرت النهار حتى نصفه- لم يجز ذلك، بل إذا أردت ذلك المعنى أتيت بإلى، فقلت: أكلت السمكة إلى وسطها، وسرت النهار إلى نصفه، فـ (إلى) في استعمالها لانتهاء الغاية أقعد من (حتى)؛ لأنها تدخل على كل ما جعلته انتهاء غاية، وسواء في ذلك أن يكون آخر جزء من الشيء أو ملاقيًا لآخر جزء، أو لا يكون، ولما كانت أقعد منها في ذلك جروا بها الظاهر والمضمر، ولم يجروا بحتى إلا الظاهر" انتهى.

وما استدل به المصنف من قوله "عنيت ليلةً" البيت، لا حجة فيه؛ لأنه لم يتقدم حتى ما يكون ما بعدها جزءًا له، ولا ما يكون ما بعدها ملاقيًا لآخر جزء منه في الجملة المغيا العامل فيها بحتى، فليس البيت نظير ما مثل به أصحابنا من قولهم: أكلت السمكة حتى وسطها؛ لأنه تقدم السمكة في الجملة المغيا العامل فيها بحتى، وليس الوسط آخر جزء في السمكة ولا ملاقيًا لآخر جزء منها، فلو صرح في الجملة بذكر الليلة فقال: فما زلت راجيًا وصلها تلك الليلة حتى وسطها-كان ذلك حجة على الزمخشري.

ونحن نقول: إذا لم يتقدم في الجملة المغياة بحتى ما يصح أن يكون ما بعد حتى آخر جزء منه، أو ملاقيًا آخر جزء منه-جاز أن تدخل على ما ليس بآخر جزء ولا ملاق آخر جزء إذا تقدم على الجملة مالغياة ما يصلح أن يكون ما بعد حتى جزءًا من ذلك السابق على الجملة، ولا يعتبر فيه كونه آخر جزء منه ولا ملاقيًا لآخر جزء منه، كذلك البيت الذي أنشده المصنف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015