والثاني مذهب الجمهور، وسنتكلم على ذلك إن شاء الله تعالى آخر كلام ((حتى)) الابتدائية.
وجارة، وهي على قسمين:
تارة تدخل على الفعل المضارع المنصوب، كقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ}، فيكون المجرور مصدرًا مقدرًا، وحكمها مذكور في الحروف التي ينتصب الفعل بإضمار أن بعدها، وقد أمعنا الكلام فيها هناك.
وتارة تدخل على الاسم الصريح، فتجره، وهي التي نتكلم فيها هنا، نحو قوله تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، و {لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ}. وكونها جارة بنفسها هو مذهب البصريين.
وقال الفراء في "كتاب الحدود": "حتى خافضة لنيابتها عن (إلى)، كما في واو القسم لنيابتها عن الباء، وواو رب، وربما أظهروا (إلى) في بعض المواضع، قالوا: جاء الخير حتى إلينا، وجمعوا بينهما بتقدير إلغاء أحدهما، وقد يجمعون بين الحرفين إذا اختلف اللفظان، فيقولون: رأيتك/من غير لا فحش ولا ريبة، وقالوا: جئت لكي تقوم، فجمعوا بين اللام وكي، وأنشدني أبو ثروان:
أرادت لكيما لا ترى لي غفلًة ... ومن ذا الذي يعطي الكمال فيكمل
وقد جمعوا بين ثلاثة أحرف لمعنى، أنشدني الكسائي:
أردت لكيما أن تطير بقربتي ... فتتركها شنا ببيداء بلقع