حبسنا، ولم نسرح لكي لا يلومنا، ... على حكمه صبراً معودة الحبس
وقال الآخر:
أردت لكيما تجمعيني وصاحبي ... ألا لا، أحبي صاحبي، وذريني
وقد يفصل بهما معاً، قال:
أردت لكيما لا ترى لي عثرة ... ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل
وذهب الكوفيون إلى أن "كي" لا تكون حرف جر، لا إذا دخلت على الفعل ولا إذا دخلت على "ما" الاستفهامية، بل هي حرف نصب على كل حال. وقالوا: إضمار أن وهي مخفوضة قبيح شاذ، ولا يحسن أن تقول: أمرت زيداً بيحسن، فلما جاء الفعل منتصباً بعدها في فصيح الكلام دل على أنها ليست حرف جر.
وأما زعم البصريين أنها تجر اسم الاستفهام في قولهم: كيمه؟ واستدلالهم بذلك على أنها حرف جر - فلا حجة في ذلك؛ لأن "مه" ليست مخفوضة، وإنما هي منصوبة على مذهب المصدر، يقول القائل: أقوم كي تقوم، فيسمعه المخاطب، ولا يفهم تقوم، فيقول: كيمه؟ يريد: كي ماذا؟ أي: كي تفعل ماذا؟ فموضع "مه" نصب بفعل مضمر على جهة المصدر والتشبيه به، وليس لـ"كي" فيه عمل، وقد أجمعنا على أن "كي" هي الناصبة للمضارع في قولك: جئت لكي تغضب، فيلزم على ما ذهبتم إليه من أنها تكون جارة أن تكون من عوامل الأسماء والأفعال؛ وهذا فاسد لأن عوامل كل واحد من صنفي الأسماء والأفعال مختصة به لا تعمل في غيره.