عرفته الطريق، قال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ). ولا يعديها إلى مفعولين بنفسها إلا أهل الحجاز، وغيرهم من العرب يقول: هديتهم للطريق، يجعلونها بمعنى أرشدتهم. ولا ينكر اختلاف تعدي الفعل بسبب ما يشرب من المعاني؛ ألا ترى أنهم يستعملون "بكيت" غير متعد إذا أشربوه معنى "نحت"؛ لأن البكاء نوح في المعنى، وقد يقال: بكيت زيداً، فيتعدى إلى مفعول واحد إذا أشرب معنى رثيت، وإلى مفعولين، فيقال: بكيت زيداً دماً، يضمنونه معنى: أتبعت زيداً دماً. والدليل على أن دماً مفعول به قوله:
ولو شئت أن أبكي دماً لبكيته ... عليك، ولكن ساحة الصبر أوسع
فإضماره يدل على أنه ليس من جنس التمييز.
وتأول "فخر صريعاً لليدين وللفم"، و"وقعت للجناجن" على أن اللام تتعلق بمحذوف، أي: مقدماً لليدين، ووقعت مقدمة للجناجن.
وأما بيت متمم فتقديره: لفقد طول اجتماعنا، أو لانقطاع طول اجتماعنا. وأما كتبته لثلاث خلون فهو على تقدير: لانقضاء ثلاث، ولانقضاء تم خمس.
وقوله وتزاد مع مفعول ذي الواحد قياساً قال المصنف في الشرح: "ومن لامات الجر الزائدة، ولا تزاد إلا مع مفعول به بشرط أن يكون عامله متعدياً إلى واحد، فإن كانت زيادتها لتقوية عامل ضعف بالتأخر، نحو (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)، أو بكونه فرعاً في العمل، نحو (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) - جاز