وجب أن يتأول جميع ذلك. فأما الآية فإنه لما كان قوله (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى) دعاء منه - عليه السلام - لفرعون صار تقديره: أدعوك إلى أن تزكى. وضمن مطلياً معنى مبغض؛ لأن الجمل الأجرب المطلي بالقطران يبغضه الناس، ويطردونه خوفاً من عدواه، فأجراه في التعدي مجراه. وكذلك التقدير: وجدتني آوياً إلى ذروة. وجلست مضافاً إلى القوم. وكونها بمعنى في مذهب كوفي" انتهى.
وقوله "من سلامان أو نهد" هما عدوان لآل دعد، فالمعنى: كأنني بغيض إلى آل دعد، كما قال:
لقد زادني حباً لنفسي أنني ... بغيض إلى كل امرئ غير طائل
قيل: ومنه (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)، قالوا: التقدير في الناس، وفي آل دعد، وفي ذروة، وفي يوم القيامة.
وهذا الذي ذهب إليه المصنف هو قول القتبي، واستدل بيتي النابغة وطرفة.
وقال بعض شيوخنا: هي لانتهاء الغاية، كأنه قال: وجدتني مضافاً إلى ذروة المجد. وكذلك: كأنني إلى الناس، أي: إنني أشبه الجمل المطلي إذا أخذت مضافاً إلى الناس، ولا أشبهه في غير تلك الحالة، فـ (إلى) متعلق بـ (مضاف)، وحذف لدلالة الكلام عليه بمنزلة قوله تعالى (إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ)، ويكون المضاف المحذوف منصوباً على الحال، /والعامل ما في كأن من التشبيه.