عنهم العذاب أمة معدودة" - فدعوى غير صحيحة؛ لأنه يجوز فيها أن تكون إلى لانتهاء الغاية على تقدير حذف مضاف، أي: إلى انقضاء أمة معدودة، وحذف المضاف سائغ إذا دل عليه معنى الكلامن ووجب حمل الآية على ذلك لأن الثابت في كلام العرب أن تكون إلى داخلة على ما يكون منتهى لابتداء غاية الفعل؛ وإذا ثبت أن إلى تكون لانتهاء الفعل فجائز أن تقع على أول الحد، فلا يكون الفعل فيما بعدها. وجائز أن يكون الفعل فيما بعدها، ولكن يمتنع أن يجاوز الفعل ما بعدها؛ لأن النهاية غاية، وما كان بعده شيء لم يسم غاية.
وما ذكره المصنف في الشرح من أن منتهى العمل بها قد يكون آخراً وغير آخر فيه تفصيل واختلاف، فنقول: "إلى" إما أن يقترن بما بعدها قرينة تدل على أنه داخل في حكم ما قبلها أو خارج عنه، إن اقترن بذلك قرينة كان على حسبها، نحو قول الشاعر:
وصرنا إلى الحسنى، ورق كلامنا ... ورضت، فذلت صعبة أي إذلال
ألا ترى أنه قد دخل في الحسنى. ونحو قولهم: اشتريت الشقة إلى طرفها، فالطرف داخل في الشقة؛ إذ لم يعهد أن الإنسان يشتري الشقة دون طرفها. ونحو و (أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)، واشتريت الفدان إلى الطريق، فالليل غير داخل في الصوم، والطريق غير داخل في الشراء.
وإن لم يقترن به قرينة فالذي عليه أكثر المحققين أنه لا يدخل في حكم ما قبله؛ فإذا قال اشتريت البستان إلى الشجرة الفلانية لم تدخل الشجرة في المشترى.