مكاناً له بنسبة، فجئت بذلك لتخصصه، وجلست على زيد، (على) فيه موصلة الفعل إليه كما توصل حروف الجر، نحو: خرجت من الدار إلى المسجد، وكتبت بالقلم، فالقلم متعلق الكتب، والباء موصلته إليه، والعرب كثيراً ما تخرج الأضعف إلى الأقوى إذا لم يكن بينهما قرب، و (على) وإن خالفت (فوق) فهي قريبة منها؛ لأن (على) تدل على الاستعلاء، و (فوق) تدل على مكان لنسبة الاستعلاء، وقد تقول: جلست فوق زيد، كما تقول: على زيد، وإن كان ذلك لا يفهم من فوق، وإنما يفهم من أمر خارج، فلذلك لقرب أدخلوا عليها /من كما أدخلوها على فوق.
وقوله وتختص إلى بالرب تقول: من ربي لأفعلن، ومن ربي إنك لإنسي، ولا يجوز ضم الميم إلا في القسم، ولا تجر غير الرب فيه.
وذكر المصنف في باب القسم أن "من" مثلت الحرفين، يعني أنه بفتح الميم والنون، أو بكسرهما، أو بضمهما، لكن ظاهر كلامه هناك أن "من" هذه المثلثة الحرفين هي بقية من "أيمن" الداخلة على "الله" غالباً؛ فليست "من ربي" تلك، بل هذه حرف مختص بدخولها على الرب، فيكون هذا مذهباً ثالثاً، وفي المضمومة الميم، وهي أنها اسم بقية "أيمن" إذا كانت مثلثة الحرفين، وحرف إذا كانت مكسورة الميم أو مضمومتها.
والنحويون قد ذكروا الخلاف في "مُن" المضمومة الميم، هل هي بقية أيْمُن، فهي اسم أو حرف جر:
فالذي ذهب إلى أنها بقية ايْمُن استدل عل ىذلك بأن هذه الكلمة قد اتسعت فيها العرب بالتغيير والحذف؛ فقالوا: ايمن وايم وايم، فـ"من" بقية "ايمن"، وهذا أولى من جعلها حرف خفض؛ لأنه لم يستقر ذلك في موضع من المواضع.