وقال المصنف في الشرح: "وأشار س إلى أن من الزائدة قصد بها التبعيض؛ لأنه قال بعد تمثيله بما أتاني من رجل: (أدخلت من لأن هذا موضع تبعيض، فأراد أنه /لم يأت بعض الرجال)، هكذا قال، يريد أن من دلت على شمول الجنس، فلكل بعض منه قسط من المنسوب إلى جميعها، فالتبعيض على هذا التقدير مقصود. وهذا غير مرضي؛ لأنه يلزم منه أن تكون ألفاظ العموم للتبعيض. وإنما المقصود بزيادة من في نحو ما أتاني من رجل جعل المجرور بها نصاً في العموم، وإنما تكون للتبعيض إذا لم يقصد عموم، وحسن في موضعها بعض، نحو (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا) الآية، و (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)، و (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ)، وقد صرح س بهذا المعنى، فقال: (وتكون للتبعيض، نحو: هذا منهم، كأنك قلت: هذا بعضهم) " انتهى.
وما فهمه الشارح المصنف عن س ليس بصحيح؛ لأن س لم يرد بقوله "لأن هذا موضع تبعيض" أنه حين زيدت كان الكلام بزيادتها استفيد منه التبعيض، وإنما يريد أنها زيدت ناصة على العموم؛ لأن الكلام قبل الزيادة كان يفهم منه التبعيض، ولم يكن نصاً على العموم كما هو بزيادتها. وقد يمكن إجراء لفظ س على ظاهره، فيكون قوله "لأن" تعليلاً لدخول من الزائدة، وأنها يستفاد من دخولها