قال المصنف في الشرح: "ويكثر أيضاً وقوعه موقع فعل خبري مقصود به الإنشاء، كقول من أبصر ما يتعجب منه: عجباً، وكقول المعترف بالنعمة: حمداً وشكراً لا جحوداً وكفراً، ومنه قول الشاعر:
حمداً الله ذا الجلال وشكراً ... وبداراً لأمره وانقيادا
وقد يقع الخبر به وعداً، كقوله:
قالت: نعم، وبلوغاً بغية ومنى ... فالصادق الحب مبذول له الأمل
وهذه الأنواع عند الأخفش والفراء مطردة صالحة للقياس على ما سمع منها. وبذلك أقول لكثرته في كلام العرب ولما في ذلك من الاختصار".
وهذه المصادر التي هي بدل من اللفظ بالفعل منصوبة بأفعل منها واجبة الإضمار؛ فإذا قلت: ضرباً زيداً، بمعنى: اضرب زيداً - فالناصب للمصدر اضرب واجبة الإضمار، وانتصابه/ على أنه مصدر.
وفي الإفصاح: "إن ما كان بمعنى الأمر، نحو: ضرباً زيداً، وشتماً عمراً - فالمعنى: اضرب زيداً، واشتم عمراً، الناصب له عند س الزم ضرباً زيداً، فهو مفعول بإضمار فعل لا يجوز إظهاره، وناصب لأنه صار عوضاً من اضرب. وغيره يرى أن الناصب له: اضرب".
وقوله عامله على الأصح البدل إلى آخره اختلف في العامل في المعمول: فذهب س والأخفش والزجاج والفارسي إلى أن المصدر نفسه هو الناصب للمفعول، لما جعلته العرب بدلاً منه ورث العمل الذي كان للفعل. وإلى هذا مال حذاق المتأخرين.