هيهات قد سفهت أمية رأيها ... فاستجهلت، حلماؤها سفهاؤها
إذ التقدير: حلماؤها مثل سفهائئها، فكذلك يكون تقدير: "آباؤها أبناؤها".
ويلزم أيضاً في تخريج البيت على قول البصريين أن يفصل بين المصدر ومعموله بقوله: "قد كفرت أبناؤها".
والذي يظهر لي مذهب الفراء؛ لأن كل ما أورد س وغيره من المصدر المنون في لسان العرب لم يذكر بعده فاعل، ولم يذكره س إلا في نفس عبارته، قال: "وذلك عجبت من ضرب زيد عمراً"، وليس في لفظه ما يدل على أنه محكي عن العرب، فيحتمل أن يكون ذلك رأياً منه، بل هو ظاهر كلامه وقياس منه؛ لأنه قال: "لأنك كما تقول: عجبت من أن ضرب زيد عمراً ينبغي أن تقول: عجبت من ضرب زيد عمراً". وكأن س لم ير مانعاً يمنع من ذلك إذ نزل منزلة: أن يفعل، والفاعل يظهر مع أن يفعل، فينبغي أن يظهر مع ما نزل منزلته، وكونه يذكر مضافاً إليه المصدر يقضي بذكره معه غير مضاف إذ لا فرق.
والذي ينبغي أن يعول عليه مذهب الفراء؛ لأنه سامع لغة من العرب، وقد نفى ذلك عن لسانهم، مع أن الكوفيين أوسع سماعاً وأتبع لشواذ كلام العرب من البصريين.
وللفراء أن يقول: المصدر - وإن نزل منزلة أن يفعل - فليس ينبغي أن تجرى عليه أحكام لفظه من ذكر الفاعل معه وغير ذلك، إنما يتبع في ذلك موجب الأدلة السمعية، فليس موضع قياس، ومع أن المصدر اسم صراح لم يبن للفاعل، ولا وضع له - فذكر الفاعل بعده بمثابة ضم اسم إلى اسم من غير جامع بينهما، فإذا أضيف