ونقول: إن كان متعدياً إلى أكثر من واحد، كأن يتعدى إلى اثنين أو إلى ثلاثة - فلا خلاف أنه لا يجوز تشبيهه، فإذا قلت مررت برجل معطى أبوه درهماً، أو معلم أبوه زيداً قائماً، فلا يجوز: معطى الأب درهماً، ولا معلم الأب زيداً قائماً.
وإن تعدى لواحد بحرف جر فذهب الأخفش إلى جواز ذلك، وصححه ابن عصفور، فتقول: مررت برجل مار الأب بزيد، بنصب الأب أو بجره. ويستدل بقولهم: "هو حديث عهد بالوجع"، فقوله بالوجع متعلق بحديث، وهو صفة مشبهة.
وذهب الجمهور إلى المنع، وتأولوا ذلك على أن "بالوجع" متعلق بـ"عهد" لا بالصفة، فإن جاء من كلامهم مررت برجل غضبان الأب على زيد علقوا "على زيد" بفعل محذوف تدل عليه الصفة، أي: غضب على زيد.
وإن تعدى لواحد بنفسه فحكى الأخفش إجازته عن طائفة من النحويين، يقولون في: هذا ضارب أبوه زيداً: هذا ضارب الأب زيداً.
وذهب كثير من النحويين إلى المنع.
وفصل آخرونن فقالوا: إن لم يحذف المفعول اقتصاراً لم يجز، وإن حذف جاز، وهو اختيار ابن عصفور وابن أبي الربيع. وهذا تفصيل حسن؛ لأنه إن لم يحذف المفعول أو حذف اختصاراً فهو كالمثبت، فيكون الوصف إذ ذاك مختلف التعدي والتشبيه، وهو واحد، وذلك لا يجوز.
وبيان ذلك أنه من حيث نصب السببي أو جره يكون مشبهاً باسم الفاعل المتعدي؛ ومن حيث نصب المفعول به يكون اسم فاعل متعدياً مشبهاً بالمضارع، فاختلفت جهة تعديه وتشبيهه من حيث صار شبيهاً بأصل في العمل شبيهاً بفرع في العمل؛ فصار فرعاً لأصل وفرعاً لفرع، ولا/ يكون الشيء الواحد فرعاً لشيئين،