لم يكن في ذلك دليل على أن الخفض من نصب ولا رفع، وإنما كان يظهر الفرق بين الحالتين لو كان الخفض من الرفع والخفض من النصب متباينين، فكان يؤدي أحد الخفضين إلى معنى يلحظ فيه معنى المفعولية، كهو في اسم الفاعل، وكان الخفض الآخر يؤدي إلى معنى كما يؤدي الرفع، ولكن العربي إنما يتكلم بالخفض، ولا يتضح من كلامه فرق بين أن يكون الخفض من رفع أو نصب.

وقد اختلف الناس في قول س: "وقد يجوز أن تقول في هذا: هو الحسن الوجه، على: هو الضارب الرجل، فالجر في هذا الباب على وجهين": فخرجه الدباج على أنه جر من رفع، وجر من نصب. وخرجه الأستاذ أبو علي على أن خفض الصفة للوجه قد يكون بإضافة أولية بحكم الأصل، كقولك: نزلت بنفس الجبل، وقبضت كل الدراهم، لأن إضافة حسن من جهة المعنى لما ثبت واستقر، فهي صحيحة من هذه الجهة، وإضافة ضارب بمعنى الحال والاستقبال غير صحيحة لأنها غير ثابتة، ولما لم يتصور ذلك في الضارب الرجل جعل مشبهاً، وعلى هذا قد يضاف الحسن الوجه المشبه بالضارب الرجل كإضافة الضارب الرجل، /فيكون محمولاً على الحسن الوجه الذي الألف واللام فيه داخلة بعد الإضافة. قال: وهذا معنى قول س. فقول س "على هو الضارب الرجل" أي: على حكمه، على أن تجعل الحسن الوجه الذي الألف واللام فيه داخلة قبل الإضافة مشبهاً بالحسن الوجه الذي الألف واللام فيه داخلة بعد الإضافة عوضاً من التعريف الذي منع.

وقد أجاز المازني أن يكون النصب في الضارب الرجل بوجهين: حكم الأصل الداخل عليه الخفض، وبالتشبيه بالحسن الوجه، ينصبونه نصبه كما خفضوه خفضه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015