وكَمْ مالِئٍ عَينَيهِ مِنْ شيءِ غَيرِهِ ... إذا راحَ نحوَ الَجمرةِ البيضُ كالدُّمَي
فحَسُنَ إعماله لأنه نعت، والمعنى: وكم رَجُلٍ مالئٍ عينيه. ولا يشبه: هذا غلامُ ضاربٍ زيدًا وإن كان معناه: هذا غلامُ رجلٍ ضاربٍ زيدًا؛ لأنك إذا حذفت المنعوت بعد «كم» كانت كم هي ذلك الاسم في المعنى، بخلاف قولك: غلامُ رجلٍ ضاربٍ زيدًا؛ لأنَّ الغلام ليس هو الرجل في المعنى، فمِن ثَمَّ لم يَنُب مَنابَه إذا حُذف؛ لأنه غيره، فهذا الفرق بينهما. ويجوز على هذا القياس: كلُّ مُكرِمٍ زيدًا فأَكرمْه؛ لأنَّ كلاَّ بمنْزلة كم في النيابة عن المنعوت؛ إذا ليس بغير له» انتهى.
والسماع في الأبيات السابقة يردُّ على السهيليَّ ما قاله.
وقوله أو مؤوَّل يعني بالنفي الصريح، ومن ذلك قولُ الشاعر:
وإن امرأ لم يُعْنَ إلا بصالحٍ ... لغَيرُ مُهِينٍ نَفسَهُ بالمطامِعِ
وفي البسيط: «وأمَّا ما هو معمول للتابع الحقيقي فهل هو في حكم ما هو تابع، كقولك: مررتُ برجلٍ غيرِ ضاربٍ أخوه عمرًا، وهذا رجلٌ غيرُ ضاربٍ أخوه عمرًا، فجوَّزه بعضهم لم يجوز هذا، بل قال: يحتاج فيه إلى اعتماد.
وإنما جاز هذا المثال المذكور لأنَّ غيرًا فيها معنى النفي، فهو معتمد على النفي، فلو قلت زيد مثلُ ضاربٍ أخوه عمرًا لم يجز، وفيه نظر».
وقوله أو استفهامٍ موجودٍ مثاله قوله:
أناوٍ رِجالُكَ قَتلَ امْرئٍ ... مِنَ العِزِّ في حُبِّكَ اعْتاضَ ذُلاً
وقوله أو مُقَدَّرٍ مثاله:
ليتَ شِعْري مُقيمٌ العُذْرَ قَومي ... لِيَ أَمْ هُمْ في الُحبَّ لِي عاذِلُونا
/تقديره: أَمُقيمٌ.