وقالت العرب: أعَقَّتِ الفَرَسُ فهي عَقُوقٌ: إذا حَمَلَتْ، قال أبو علي القالي: «ولا يقال مُعقّ». وقالوا: أَحْصَرَتِ الناقةُ فهي حَصُور: إذا ضاقَ مَجرى لبنها، وقالوا عَقَّتْ وحَصرتْ، فيكون ذلك من باب الاستغناء.
ومثالُ ما استُغنِي فيه بمُفْعَل أَسْهَبَ الرجلُ في الكلام ــــ إذا كَثُرَ كلامُه ــــ فهو مُسْهَبٌ، وكذلك إذا ذهبَ عقلُه من لدغ الحية، وأَلْفَجَ ــــ ذهبَ مالُه ـــ فهو مُلْفَجٌ، وفي الحديث: (ارْحَمُوا مُلْفَجيكم)، وأَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ، وقالوا أُلْفِجَ ذو المال، وأُسْهِبَ اللديغُ، وأُحْصِنَ، /مبنيَّا للمفعول، فيكون في بنائه للفاعل قد استَغنَوا باسم المفعول عن اسم الفاعل. وقالت العرب: اجْرَأَشَّتِ الإبلُ ـــــ إذا سَمِنَت ــــ فهي مُجْرَأَشَّة، بفتح الهمزة، وهو شاذّ.
ولم يَرد في «أَسْهَبَ في الكلام» إلا مبنيَّا للمفعول، وإذا كان أَسْهَبَ بمعنَى فَصُحَ، أو بَلَغَ الرَّملَ في حفره، أو أَكَثرَ العطاءَ، أو تغيَّرَ وجهُه، أو نزولَ السَّهْبَ ـــــ
أي: المكانَ السَّهل ـــ أو أَسْهَبَ الفرسُ: سَبق ــــ فاسم الفاعل منه بكسر الهاء على القياس.
ومثالُ ما استُغنِي فيه عن فاعِلٍ بِمُفْعِلٍ أو مِفْعَلٍ قولُهم: عَمَّ الرجلُ بمعروفه، ولَمَّ متاعَ القوم، فهو مُعِمُّ ومِعَمٌّ، ومُلِمٌّ ومِلَمٌّ، ولم يُقل بهذا المعنى عامٌّ ولا لمٌّ، ولا نظير لهما، حكاه ابن سيده.