وقوله ولا يَنصب مفعولاً به يعني أنه إذا كان مشتقَّا من مصدرٍ يتعدَّى فعلُه إلى مفعول به فإنه لا يَنصب المفعول به، بل يتعَدَّى إليه باللام إن كان الفعل يتعدَّى إلى واحد، تقول: زيدٌ أَبْذَلُ للمعروف، فإن كان الفعل يُفهم جهلاً أو علمًا تعدَّى بالباء، نحو: زيدٌ أَعْرَفُ بالنحوِ وأَجْهَلُ بالفقِه. وإن كان مبنيَّا مِن فِعل المفعول تعدَّى بإلى إلى الفاعل معنًى، نحو: زيدٌ أَحَبُّ إلى عمرٍو مِن خالدٍ، وأَبْغَضُ إلى بكرٍ من عبدِ الله، وب «في» إلي المفعول، نحو: زيدٌ أَحَبُّ في من خالدٍ، وأبْغَضُ في عمرٍو مِن جعفرٍ.
وقوله وقد يَدُلُّ على ناصبه مثاله قولُ الشاعر:
فلم أَرَ مِثْلَ ... الحَيِّ ... مُصَبَّحًا ... ولا مِثْلَنا ... يومَ ... الْتَقَينا ... فَوارِسا
أَكَرَّ وأَحْمَى لِلحَقيقةِ ... منهمُ ... وأَضْرَبَ مِنَّا بِالسُّيوفِ، القَوانِسا
وقولُ الآخر:
فما ظَفِرَتْ نَفسُ امرئٍ يَبتَغي المُنَى ... بأَبْذَلَ مِن يحيى، جَزيلَ المَواهِبِ
أي: نَضربُ القَوانس، ويَبذلُ جَزيلَ المواهب.
قال المصنف في الشرح: «ومنه قوله تعالى {الله أعلم حيث يجعل رسالته} ... ، فـ (حيث) هنا ليس بظرف، وإنما هو مفعول به، وناصبُه فعلٌ مدلولٌ عليه بـ (أعْلَم)، والتقدير: الله أَعلَمُ يَعلَمُ مكانَ جعلِ رسالتِه» انتهى.