المعروف بابن الضائع - رحمه الله تعالى - يقول: "قول/: المتأخرين إن كلام الساهي والنائم والمجنون مفيد إلا أنه بغير الوضع لا ينبغي أن يقال لأن مثل هذا لا يفيد بوجه، فإذا قال النائم مثلًا: زيد قادم، ووافق ذلك قدوم زيد، فالفائدة لم تحصل من إخباره بوجه، وإنما حملتا من مشاهدة قدوم زيد لا من نفس الإخبار، فهو غلط من قائله، ولا بد، وإنما يمكن هنا أنه تحرز بـ "المفيد بالوضع" مما لا يفيد إلا بالعرض لا بالوضع، وذلك أنك إذا قلت؛ قام غلام زيد، أفاد هذا الكلام مفهومين: أحدهما الإخبار عن غلام زيد بالقيام، وهو هو المعنى الذي وضع له اللفظ. والثاني تملك زيد للغلام، وليس اللفظ موضوعًا له، فإذا م مفيد له بغير وضح، فمن هنا تحرز القائل بالوضع" انتهى.
وفهم من كلام الأستاذ أبي الحسن بن الضائع أنه لا يشترط في الإفادة قصد المتكلم إياها، وإنما يشترط فيها أن تكون على هيئة التركيب الموضوع في لسان العرب. وكثير من النحويين لم يعتبروا في حد الكلام سوى التركيب ألإسنادي فقط، ولم يشترطوا الإفادة ولا القصد.
وقول المصنف - رحمه الله - "ومحاكاة بعض الطيور للإنسان" ليس بشيء لأنه قد قال في أول الحد "ما تضمن من الكلم إسنادًا مفيدًا" والذي يسمع من محاكاة الطير لم يتضمن من الكلم، فليس الطائر ناطقًا بكلم أصلًا فضلًا عن أن يضمن إسنادا مفيدًا، وإنما هي محاكاة أصوات لا نطق بكلم.