فأمَّا ما خَيْرَهُ فإنه لَمَّا حذف الهمزة احتاج إلى أحد أمرين: إمَّا حذف ألف ما لالتقائها ساكنه مع الخاء الساكنة، وإمَّا تحريك الخاء وإبقاء الألف التي في ما، فينتفي التقاء ساكنين، فمنهم مَن حَذف الهمزة وألف ما، فقال: مَخْيَرَكَ! ومَحْسَنَكَ! وسَمع الكسائيُّ: مَخْبَثَهُ! ومنهم مَن حرَّك الخاء بحركة الياء، وأبقى ألف ما، فقال: ما خَيْرَ اللبنَ! وسهّل ذلك في ما أَخْيَرَ وما أَشَرَّ تشبيهُهما بخَيرٍ وشَرِّ أَفْعَلَي التفضيل، وإن كان حذف الهمزة فيهما في التفضيل هو الفصيح المستعمل.
وأمَّا ما شَرَّهُ للمبطون! فإنه ليس فيه إلا حذف الهمزة، وليس فيه التقاء ساكنين ولا نقل حركة الراء إلى الشين لأجل حذف الهمزة، إنما كان النقل لأجل الإدغام، وقال الشاعر:
ما ... شَدَّ أنفُسَهم ... وأَعْلَمَهم ... بما ... يَحمي الذَّمارَ به الكريمُ ... المُسلِمُ
ولا يقاس على شيء مما حُذفت فيه الهمزة، والقياس عليه خطأ عند البصريين، قاله النحاس.
المسألة الثانية: إذا اتَّصل بأفْعَلَ في التعجب ضمير المتكلم، نحو: ما أَحْسَنَنِي!
وما أَظْرَفَنِي! وما أجْمَلَنِي! فالذي تقتضيه قواعد البصريين أنه لا يجوز حذف نون الوقاية، كما لا يجوز في: أَكرمَنِي زيدٌ، وضَربني خالدٌ. وحكى الكوفيون: ما أحْسَنِي! بحذف نون الوقاية، فينبغي أن يُحمل على الشذوذ، ولا يقاس عليه.
وقال أبو الحسن بن عصفور: «واعلم أنَّ كل فعل يتصل به ضمير المتكلم فإنه تلزمه نون الوقاية إلا فعل التعجب، فإنك في إلحاقها بالخيار. ووجهُ حذفها شبهُه بالاسم، فإذا كانوا قد يتركونها في مثل: