وقوله ومِن مزيدٍ فيه ذكروا من ذلك: ما أغْناه! وما أَفْقَرَه! وما أَتْقاه! وما أقْوَمَه!
وما أَمْكَنَه! وما أَمْلأَه! وما آبلَه! وما أَشَدَّه! وما أَحْوَلَه! وما أَخصَرَه! وما أشْهاه! وما أَحْياه! وما أَرْفَعَه! من استَغنَى، وافْتَقَرَ، واتَّقَى، واسْتَقامَ، وتَمَكَّنَ، وامتَلأَ، وتَأبَّلَ، واشْتَدَّ، واحْتال، واختصِرَ، واشْتَهى، واسْتَحْيا، وارتَفَعَ.
وقال الأخفش في «الأوسط»: «وقالوا: ما أَفْقَرَه! وما أَغْناه! وقد ذُكر أنه يقال فَقُرَ وغَنِيَ» انتهى ويدلَّ على ذلك قولهم فَقِير وغَنِيّ، وقالوا تَقِيّ لقولهم تَقِيَ، فكأنَّ أتْقَى مبنيّ منه. وقد نُقل شَهِيَ الشيءَ: اشتهاه، وحَيِيَ الرجلُ: اسْتَحيا، فعلى هذا لا يكون ما أَشْهاه! وما أَحْياه! شاذَّا.
قال المصنف في الشرح: «وممن خفيَ عليه استعمال حَيِيَ بمعنى اسْتَحيا أبو عليّ الفارسيّ. وممن حفيَ عليه استعمال فَقُرَ وفَقِرَ سيبويه. ولا حجة في قول من خفي عليه ما ظهر لغيره، بل الزيادة من الثقة مقبولة، وقد ذَكر استعمال ما ادَّعيتُ استعماله جماعةٌ من أئمة اللغة» انتهى.
وهذا الذي تبجَّح بالاطلاع عليه لا يقدح فيما قاله س؛ لأن س إنما ينقل فصيح اللغة ومستعملها لا شاذَّها، فالذين قالوا ما أَفْقَرَه! تكون لغتهم افتَقَرَ لا فَقُرَ ولا فَقِرَ؛ ألا ترى إلى قول الأخفش: «وقد ذُكر أنه يقال فَقُرَ وغَنِيَ»، فالأخفش أيضًا مع جلالته وسماعه من العرب لم يسمعه من العرب، إنما قال: «وقد ذُكر أنه يقال فَقُرَ»، وإنَّ شيئًا غابت معرفته عن س لجدير بأن يُطرح، وقال فتًى لأبي الأسود: «إنه قد وقع إليَّ حرف من اللغة لم يصل إليك، ولا عرفَته»، أو كلامًا