وعلة منع ذلك أنَّ حق الفعل الذي يُبنى للتعجب أن يكون قبل التعجب ثلاثيَّا محضًا؛ وأصل الفعل في هذه أن يكون على وزن افْعَلَّ، ولذلك صحَّت عينه في الثلاثي اللفظ، نحو حَوِلَ، وعوِرَ، وهَيفَ، وجَيِدَ، وصَيِدَ، مع استحقاقه ذلك لوجود العلة الموجبة لقلبه، وهي تحرك حرف العلة وانفتاح ما قلبه، فحملوه على افْعَلَّ، نحو احْوَلَّ واعْوَرَّ، وجودًا ذلك فيه أو تقديرًا، فصحَّت فيه كما صحَّت في افْعَلَّ، كما صححوا اجْتَوَرُوا حملاً على تجاوَرُوا، ومِخْيَط حملاً على مخياط.
وهذا التعليل هو المشهور عند النحاة.
وقال المصنف في الشرح ما نصه: «وعندي تعليل آخر أسهل منه، وهو أن يقال: لَمَّا كان بناء الوصف من هذا النوع على أَفْعَلَ ـــــ يعني نحو أَعْوَرَ وأَهْيَفَ ـــ لم يُبنَ منه أَفْعَلُ تفضيل لئلا يلبس أحدهما بالآخر، فلما امتنع صوغ أَفْعَلِ التفضيل امتنع صوغ فعل التعجب لتساويهما وزنًا ومعنًى، وجريانِهما مجرى واحدًا في أمور كثيرة، وهذا الاعتبار هِّين بيِّن، ورجحانه متعّين» انتهى.
وقد اختُلف مما عُبَّر عن فاعله بأَفْعَلَ في نوعين:
أحدهما: العاهات، /فذهب جمهور البصريين إلى أنه لا يجوز أن يُبنى من أفعالها ــ وإن كانت ثلاثية ــــ فعل التعجب. وأجاز ذلك الأخفش وبعض الكوفيين ـــ منهم الكسائيّ وهشام ــــ أجازوا: ما أَعْوَرَه!