وأمَّا صفات الله ـــ تعالى ــــ فلا يجوز التعجب منها، لا يقال: ما أَعْلَمَ الله! لأنَّ علمه ـــ تعالى ـــــ لا يقبل الزيادة، وقالت العرب: ما أَعْظَمَ الله وأجَعلَّه! وقال الشاعر:
ما أَقْدَرَ الله أن يُدْني على شحَطٍ ... مِنْ دارُهُ الحزنُ مِمَّنْ دارُهُ صُولُ
وتأوَّلَ النحويون قول العرب على وجوه.
وأَما كونه غير مبنيَّ للمفعول فلأنه لا يجوز: ما أَضْرَبَ زيدًا! وأنت تتعجب من الضرب الذي حَلَّ بزيد. وعلة المنع كونه يلتبس بفعل الفاعل، هكذا علَّله بعضهم، فيظهر من صاحب هذا التعليل أنه يجيز التعجب من فِعل المفعول إذا عُدم اللبس، /فيكون قول الرماديّ:
ولا شِبلَ أَحْمَى مِن غَزالٍ، كأنَّهُ ... من السُّمرِ والأحراس في خِيْسِ ضَيْغَمِ
جائزًا لأنه قد عدم اللبس. وما صحَّ فيه «أَفْعَلُ مِن» صَحَّ فيه «ما أَفْعَلَه».
وإلى هذا ذهب خَطَّاب المارِدِيّ، قال: وقد جاء مثله، قال كعب بن زهير:
فَلَهْوَ أَخوَفُ عندي إذْ أُكَلِّمُهُ ... وقيلَ: إنَّكَ مَسلُوبٌ ومَقتُولُ
مِنْ ضَيْغَمٍ بِضِراءِ الأَرضِ، مُخْدَرُهُ ... بِبَطْنِ عَثَّرَ غيلٌ، دُونَهُ غِيلُ