«أحدهما: أنَّ فَعَلَ وفَعِلَ يشار كان فَعُلَ في اللزوم وقبول همزة التعدية، فتقدير ردهما إلى فَعُلَ لا حاجة إليه.

الثاني: أنَّ من الأفعال ما رفضت العرب صوغه على فَعُلَ، وذلك المضاعف واليائي العين أو اللام، فلو قُصد بمضاعف معنًى غريزيُّ دَلُّوا عليه في غير شذوذ بفَعَلَ، نحو: جَلَّ يَجلُّ، وعَزَّ يَعِزُّ، وخَفَّ يَخفُّ، وقَلّ يَقلُّ، ونُسب إلى الشذوذ نحو لَبُبْت، واستغنوا في اليائي العين بفَعَلَ يَفْعِلُ، نحو: طابَ يَطيب، ولانَ يَلين، وضاقَ يضيق. وفي اليائي اللام عن فَعُلَ بفَعِلَ، نحو حَيِىَ يحيا، وعَيِيَ يعيا. فلو تعجَّبتَ من شيء من هذه الأفعال أَدخلت الهمزة، ولم تَرُدّها إلى فَعُلَ؛ لأنه فيها مرفوض» انتهى كلامه.

ولا يلزم ما قاله؛ لأنَّ هذا التحويل هو أمر تقديريّ لا وجوديّ، والمقدَّرات ليست كالوجوديات، فقد يكون الشيء مقدَّرًا، ولا يُنطق به، ولا يُلفظ، وهذا كثير في هذه الصناعة؛ ألا ترى إلى المنصوب على الاشتغال، وإلى المرفوع أو المنصوب من النعوت المقطوعة ـــ كيف تُحكم بعواملها وتُقدر، وليست موجودة، ولا يُلفظ بها، ولا يُنطق في لسان العرب. والذي يدلُّ على التحويل تقديرًا أنهم إذا بنوا فَعُلَ من المضاعف أو اليائي العين أو اللام قدَّروه مبنيَّا على فَعُلَ، وإن كان لا يظهر / ذلك في اللفظ، فقالوا: لَجَلَ الرجلُ، ولَقَوِيِ، ولَشَوِيَ، ولَعَيِيَ، ولطابَ، وقدَّروا هذه كلها على فَعُلَ، وعرض فيها من الإعلال ما ردَّها إلى هذه الأوزان، وقد تبيّن هذا وفي باب نِعمَ وبئسَ حين بيَّنَّا أحكام فَعُلَ للتعجب وكيفية بنائه في الأفعال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015