أرادوا الإبهام، فكان التأخير أحسن لأنه موضع تفسير، ولَزِمَ في حَبَّذا تأخيره. وما نقصَ حَبَّذا من التصرف الذي في نِعمَ وبئسَ فلأنها فرع عنهما، فلا يكون فيها ما يكون في الأصل من وصفٍ وتأكيدٍ وتقديمٍ وغير ذلك، قاله في البسيط.

وقال المصنف في الشرح ما معناه: «إنَّ علة امتناع دخول النواسخ على حَبَّذا وامتناع تقديم المخصوص عليها هو أنها جَرَت مجرى المَثَل، وما جرى مجراه لا يُغَيَّر. وأغفلَ أكثر النحويين التنبيه على هذين الحكمين، ونَبَّهَ ابن بابشاذ على امتناع التقديم، لكن جَعل سببَ ذلك خوف توهُّم كون المراد: زيدٌ أَحَبَّ ذا، وتوهُّمُ هذا بعيد، بل المانع إجراؤه مُجري الَمثَل» انتهى.

وقوله وقد يكون قبله أو بعده تمييز مطابق مثال مجيء التمييز قبله قول الشاعر:

ألا ... حَبَّذا قَومًا سُلَيمُ، فإنَّهُمْ ... وَفَوْا ... إذ ... تَواصَوْا بالإعانِة والنَّصْرِ

ومثال مجيء التمييز بعده قول رجل من طِّيئ:

حَبَّذا الصَّبرُ شِيمةً لامْرىٍء را ... مَ مُباراةَ مُولَعٍ بالَمعالي

ومعنى قوله مطابق أي: للمخصوص المذكور بعد حَبَّذا، يطابقه في إفراد وتذكير وفروعهما، فتقول: حَبَّذا رجلاً زيدٌ، وحَبَّذا رجلين الزيدان، وحَبَّذا رجالاً الزيدون، وحَبَّذا امرأةً هندٌ، وحَبَّذا امرأتين الهندان، وحَبَّذا نساءً الهندات. وكذا لو تأخر التمييز عن المخصوص، فإنه يطابقه أيضًا، نحو: حَبَّذا زيدُ رجلاً، إلى آخر المُثُل.

وظاهر قول المصنف وقد يكون قبله أو بعده /تمييز أن الأولى أن يتقدم التمييز على المخصوص، وذلك من حيث قُدِّم تقديمه على المخصوص على تأخيره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015