بل أبقتها على أصلها من الوزن، واستعملَتْها استعمال نِعمَ من غير تحويل، لكن جعلتها لازمة، وهي عَلِمَ وجَهِلَ وسَمِعَ، فتقول: عَلِمَ الرجلُ زيدُ، وجَهِلَ الرجلُ عمرٌو، وسَمِعَ الرجلُ عمرٌو إذا أرادوا المباغة في عمله وجهله وسماعه.
وذكر خَطَّاب بن يوسف المارِدِيّ شرطَّا في إلحاق فَعُلَ بِنعمَ وبئسَ، وهو أنه لا يُبنَي مُتَوَصَّلاً به إلى ما يجوز التعجب منه، قال في كتابه «الترشيح» حين تكلَّم علي لَفَعُل ما نصبه: «فإن تعجبت من الرباعي فصاعدًا أو الألوان والعاهات فانهم عدَلوا فيه عن الأصل في هذا البناء، واستغنوا عنه بقولهم: أَفْعَلُ الفعل فِعلُه، تقول: أَشَدُّ الحُمرةِ حُمرتُّه، وأسْرَعُ الانطلاقِ انطلاقُه، وأَفْحَشُ الصَّمَمِ صَمَمُه، والاسم الأول مبتدأ، والثاني مضاف إليه، وما بعد المضاف خبر وكان القياس أن يقولوا: لَفَحُشَ الصَّمَمُ صَمَمُه، ولَشَدَّتِ الحُمرةُ حمُرتُه، فيرفعوه من حيث رَفعوا: لَكَرُمَ الرجلُ زيدٌ، ولكنهم استَغنَوا عنه بما ذكرتُ لك» انتهى.
وقوله مُضَمَّنًا تَعَجُّبًا اختلفوا في هذه الصيغة: فذهب الفارسيُّى وأكثر النحويين إلى إلحاقها بباب نِعمَ فقط، فعلى هذا تَثبت لها جميع أحكام نِعمَ. وذهب الأخفش والمبرد إلى أنه يجوز إلحاقها بباب التعجب.
وفي «البسيط»: «المغَّير عن أصل صيغته للمدح لازمٌ لذلك المعنى الذي غُيِّر له بحيث صار من ألفاظ المدح وغيرُ لازم، الازم حَبَّذا، وعكسه لا حَبَّذا، وغير اللازم كل فعلٍ على ثلاثة أحرف يُبنى منه فَعُلَ، ويوضح للمدح والذمّ إن قبلهما في المعنى قياسًا، وهذا عامّ وخاصّ، العامّ ما كان معناه يَقُرب من معنى نِعمَ وبئسَ، أو