كل ما ذكر، ولذلك استُغني بـ (ساءَ) عن بئسَ في قوله تعالي {ساء مثلا القوم}، وبـ (بئسَ) عن ساءَ في قوله تعالى {بئس مثل القوم}، وقد جُمعنا في قوله تعالى {بئس الشراب وساءت مرتفقا} انتهى.
وفي كلامه نقد من وجهين:
أحدهما: إفراد ساءَ بالذكر، وهي فرد من أفراد فَعُلَ المُجْرى مُجرى بئسَ ونِعمَ، وساءَ في الأصل فعلُ متعدَّ إلى واحد، متصرف، على وزن فَعَلَ، بفتح العين،
تقول: ساءَ الأمرُ زيدًا يَسوءُه، فحُوِّل إلى فَعُلَ ــــ بضم العين ـــ لِما في ذلك من
المباغة، فهو مندرج تحت قوله أو مُحَموَّلاً من فَعَلَ، فإفراده بالذكر لا وجه له.
النقد الثاني: قوله «إنه استُغني ببئسَ عن ساء في قوله تعالى {بئس مثل القوم}. وليس هذا استغناءً؛ لأنَّ ما جاء على الأصل لا يقال إنه استُغني به عما ضُمِّنَ معناه، بل الأمر بالعكس، وهو الاستغناء بالمضمَّن عما ضُمِّن معناه، كما قال المصنف في ساءَ إنه استُغني بها عن بئسَ في قوله {ساء مثلا القوم}. وعلى باب بئسَ حمل أبو علي {ساء مثلا القوم}، وجعله غيرُه من باب: طابَ زيدُ نفسًا. وقال في «التذكرة»: «يكون انتصاب المَثَل على حد انتصاب الحمل في قوله {وساءهم يوم القيمة حملا}».