وللزم أيضا كون هذه الجملة لا تكون متعلقة بالأولي؛ لأنها لا موضع لها من الإعراب، وليست مفسِّرة؛ إذ المفسِّرة يجوز أن يُستغنَى عنها بالجملة التي قبلها، ولا يجب ذكرها، وهذه ليست كذلك، ولا هي جملة اعتراض.
وللزمَ أيضًا حذف جملتين لا دليل على حذفهما، وهي جملة السؤال وجملة الجواب. وأيضا فالمفهوم من قولك: نِعمَ الرجلُ زيدٌ، وزيدٌ نِعمَ الرجلُ ــ واحد، فكما لا يُتَوَهَّم في زيدُ نعمَ الرجلُ أنه على كلامين، فكذلك في: نِعمَ الرجلُ زيدٌ.
وقال المصنف في الشرح: «ومن لوازم كونه خبرًا قبل دخول كان أن يقال: نِعمَ الرجالُ كانوا الزيدين، ونِعمَ النساءُ كُنَّ الهنداتِ، ونِعمَ الرجلُ ظَننته
زيدًا، ونِعمَ الرجلان وُجدا إياكما، لكنَّ العرب لم تقل إلا: نِعمَ الرجالُ كان الزيدون،
ونعمَ النساءُ كانت الهندات، ونعِمَ الرجلُ ظننتُ زيدًا، ونِعمَ الرجلان وُجدتما، فعُلم بهذا أنَّ المخصوص لم يكن قبله ضمير، فيكون هو خبره بل كان مبتدأ مخبرًا عنه بجملة المدح أو الذم».
قال: «ومِن لوازم ذلك جواز دخول إنَّ؛ لأنَّ الخبر والمخبر عنه عند من يري صحة ذلك جملة خبرية أُجيب بها سؤال مقدر، وتوكيد ما هو كذلك بإنَّ جائز، والجواز هنا مُنتَفٍ مع أنه من لوازم الخبرية، فالخبرية إذًا منتفية؛ لأنَّ انتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم. وأمَّا على القول بكول المخصوص مبتدأَ مقدَّم الخبر فيلزم منه موافقة الواقع، وهو امتناع دخول إنّ إلا مع تقدُّم المخصوص، كقولك: إنَّ زيدًا نِعمَ الفتى» انتهى، وفيه بعض تلخيص.
ولقائلٍ أن يقول: الذي قال فيه إنه خبر مبتدأ محذوف لم يقل ذلك على سبيل الوجوب، بل على سبيل الجواز، ويمكن أن العرب حين أدخلت الناسخ لم تُراع هذا الجائز، بل راعت الجائز الآخر، وهو أن يكون مبتدأ؛ لأنها التزمت حذف