وقوله مفيدًا قالوا احترز بالمفيد من المتضمن إسنادًا؛ لكنه غير مفيد، نحو قولهم: النار حارةً، والسماء فوق الأرض، وتكلم/ رجل، فإن هذا - وإن شمي كلامًا في اللغة - لا يسمى كلامًا في اصطلاح النحويين.
قال المصنف - رحمه الله -: "وقد صرح س وغيره من أئمة العربية بأن الكلام لا يطلق حقيقةً إلا على الجمل المفيدةً. قال: قال س - رحمه الله - وقد مثل بـ "هذا عبد الله معروفًا": "فـ"هذا" اسم مبتدأ يبنى عليه ما بعده، وهو عبد الله، ولم يكن يكون "هذا" كلامًا حتى يبنى عليه أو على ما قبله". انتهى كلام س - رحمه الله - ولا دليل فيه على دعوى المصنف رحمه الله. والتمثيل بالمفيد لا يدل على اشتراط الإفادة في الكلام، بل ظاهر كلام س - رحمه الله - أنه لا يشترط الإفادة لأنه قال: "ولم يكن ليكون كلامًا حتى يبنى عليه أو يبني على ما قبله " أي: حتى يحصل بينهما إسناد، فيكون مبتدأ وخبرًا، والإسناد أعم من أن يكون مفيدًا أو غير مفيد، وإنما ذكر ذلك س - رحمه الله - احترازًا من المفرد، فإنه لا يسمى كلامًا لأنه لا بناء شيء فيه على شيء ولا إسناد.
وكان بعض من عاصرناه يقول: العجب لهؤلاء النحاة، يجيئون لأصدق القضايا، فيجعلونها ليست بكلام، كقولنا: النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، والضدان لا يجتمعان وقد يرتفعان، والكل أكثر من الجزء، والواحد نصف الاثنين، ويلزمهم لما شرحوا المفيد إنه الذي يفيد السامع علم ما لم يكن يعلم أن الكلام إذا طرق سمع الإنسان فاستفاد منه شيئًا، نم طرقه ثانيًا، وهو قد علم مضمونه أولًا، أنه لا يكون كلامًا باعتبار المرة الثانيةً