بئسَ ونِعمَ مُسنَدَين إلى ضميرين حُذف مفسراهما، وعبد الله مبتدأ، وأنا وخالد بدلان. ومن هذا النوع أيضًا قول سهل بن حُنيَف - رضي الله عنه -: (شَهدتُ صِفِّين وبئسَتْ صفُّونَ)» انتهى. يعني أن يكون التقدير: نِعمَ رجلاً عبدُ الله خالدُ، وبئسَ رجلاً عبدُ الله أنا، وبئستْ بقعةً صفُّون» انتهى.
وهذا التخرج الذي خرَّجه مبنيّ على جواز حذف التمييز، وتقدم الكلام فيه، والصحيح منع حذفه. وما روي من نحو (نِعمَ عبدُ الله خالد) أجاز الجرمي القياس عليه، فأجاز: نِعمَ عبدُ الله زيدُ. ومنعَه عامة النحويين، وهو الصحيح؛ لأنه إن كان عَلَمًا فلا يجوز من حيث لم يجز: نِعمَ زيدٌ، وإن كان عبد الله واحدًا من العبيد أضيف إلى الله تعالى فلا يجوز أيضًا؛ لأنَّ اسم الله تعالى عَلَمُ وإن كانت فيه أل، فكما لا يجوز نِعمَ غلامُ زيدٍ عمرُو فكذلك لا يجوز: نِعمَ عبدُ الله هذا، وقد جاء في الشعر، قال:
بِئْسَ ... قَومُ ... الله ... قَومُ ... طُرقُوا ... فَقَرَوْا ... جارَهم ... لَحْمًا ... وَحِرْ
وسهَّل هذا كون «قوم الله» يقع على ما يقع عليه القوم إذا أدخلتَ عليه أل، وهو مع ذلك /مضاف في اللفظ إلى ما فيه أل. وإن لم تكن أل معرفة، ولا ينبغي أن يقاس على هذا؛ لأنَّ فاعل نِعمَ وبئسَ إذا كان مضافًا إلى ما فيه أل فإنه يجوز نزع أل وتنكيره وجعله تفسيرًا للضمير المستكنّ في نعمَ وبئسَ؛ فتقول في نعمَ أخو العشيرة زيدُ: نعمَ أخا عشيرٍة زيدُ، ولا يجوز مثل هذا في «بئسَ قومُ الله قومُ طُرقوا».