نِعمَ الرجل زيدٌ، فإنَّ الرجل غير محتاج إلى أن يبيَّن أنه رجل في موضع من
المواضع، فبانَ الفرق بينهما، وهذا على تسليم أنَّ المضمر هو جنس كالرجل،
فحينئذ يكون توكيدًا له لأنه قد تقدَّم لنا الخلاف في الضمير أهو جنس أم لا،
وأنَّ القائلين بأن الألف واللام في الرجل في نِعمَ الرجلُ زيدٌ هي للجنس اختلفوا في
هذا الضمير أهو جنس أم لا، وعلى تقدير التسليم أنه جنس لا يلزم أن تساوي
حالة إضماره في البيان حالة إظهاره.
وأمَّا السماع الوارد في نِعمَ وبئسَ فقد تأوَّله المانعون لذلك، وتأوَّلوا
فحلاً وفتاةً على الحال المؤكَّدة لا على التمييز، وتأوَّلوا زادًا على أنه منصوب
بـ «تَزَوَّدْ» على أنه مصدر محذوف الزوائد ـــ وقد حكى الفراء استعماله مصدرًا
ـــ أو على أنه مفعول به، و «مثل» منصوب على الحال؛ لأنه لو تأخر لكان صفة،
ولَّما تقدم انتصب على الحال، وفُصل بجملة الاعتراض التي هي «فنِعمَ الزادُ زادُ
أبيك» بين تَزَوَّد ومعموله، أو على أنه بدل من «مثل»، كأنه أوقعه على الخصوص،
أي: تَزَوَّدْ مثلَ زاد أبيك زادًا حسنًا ودلً على الصفة قوله: فِنعمَ الزادُ زادُ أبيك.
وعندي تأويل غير ما ذكروه، وهو أقرب، وذلك أن يُدَّعى أنَّ في نِعمَ وبئسَ
ضميرًا، وفَحلاً وفتاةً وزادًا تمييز لذلك الضمير، وتأخرَّ عن المخصوص على جهة
الندور، كما روي نادرًا: نِعمَ /زيدٌ رجلاً، على نية التقديم، أي: نِعمَ رجلاً زيدٌ،
والفحل والفتاة والزاد هي المخصوصة، وفَحلُهم وهندُ وزادُ