فإن ذكرت المعدود كان علي حسبه من تذكير أو تأنيث، فتقول: سرت من شهر كذا خمس ليال أو خمسة أيام، وإن لم تذكر المعدود فالعرب تستغني بالليالي عن الأيام، فتقول: كتبت هذا لخمس من رمضان، قال الشاعر: خط هذا الكتاب في يوم سبت لثلاث خلون من رمضان وإنما استغني بالليالي عن الأيام للعلم أن مع كل ليلة يوما، فإذا مضي عدد من الليالي مضي مثلهما الأيام، فيجوز إن يستغني بذكر احدهما عن الآخر. وكان الاستغناء بالليالي أولي لأن أول الشهر ليلة، فأول ما يقع التأريخ علي الليالي، وأرخوا ما بقي من الشهر بها، فإذا قيل: كتب لثلاث خلون من شهر كذا، فالمعني لخمس، فقصدت الليالي، وسكت عن الأيام للعلم بأن مع كل ليلة يوما. ... وذهب قوم منهم الزجاجي إلي أن هذا من تغليب المؤنث علي المذكر، وزعم أنه ليس في العربية موضع يغلب فيه المؤنث علي المذكر إلا في باب التأريخ، فأما سوي هذا فيغلب فيه المذكر علي المؤنث. ... وكلا القولين فاسد: ... أما أنه من باب التغليب فليس بصحيح، لآن التغليب إنما هو في لفظ يعم القبيلين، ويجري عليهما معا حكم أحدهما، كقوله تعالي {خلق كل دابة من ماء فمنهم} فأعاد ضمير الذكور العقلاء علي {كل دابة} علي سبيل التغليب.