بعد هذه الحروف، قال ذو الرمة:
على بابها منْ عندِ رحلي وغاديا تقولُ عجوزٌ مدرجي متروِّحاً
أراكَ لها بالبصرة ِ العامَ ثاويا أذو زوجة ٍ بالمصرِ أمْ ذو خصومة
لأَكْثِبَة ِ الدَّهْنَا جَمِيعاً وَمَالِيَا فقلتُ لها: لا إنَّ أهلي لجيرة ٌ
أُرَاجِعُ فِيهَا يَا ابْنَة َ الْقَوْمِ قَاضِيَا وَمَا كُنْتُ مُذْ أَبْصَرْتِنِي فِي خُصُومَةٍ
فقوله بعد " لا " "إن أهلي جيرةً" إلى آخر البيت بمنزلة أن يقول: لست ذا زوجةً بالمصر. وقوله بعد "لا" أيضًا "وما كنت مذ أبصرتني في خصومةً" بمنزلة أن يقول: لا لست ذا خصومة بالمصر.
وما ذكروه أن مثل هذا تصرح بالجملة المحذوفة بعد "لا" و "نعم" ليس بتصريح حقيقةً، إنما / ذلك من حيث المعنى لأنه لم يصرح بالجملتين المقدرتين بعد "لا" و "نعم" إنما أتي بما يدل على انتفاء كونه ذا زوجةً وذا خصومةً.
ومما يدل على تقدير الجملةً بعد حروف الجواب عمل فعل تلك الجملةً المحذوفةً في تابع وفي حال، نحو قولك: ألم تخرب زيدًا؟ فقول: بلى وعمرًا، فقولك "وعمرًا" معطوف على المحذوف من قولك: بلى ضربت زيدًا وعمرًا، وكذلك قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ}، أي: بلى ئجمعها قادرين على أن نسوي بنائه. وكذلك؛ أضربت زيدًا؟ تقول: نعم وعمرًا، التقدير: نعم ضربت زيدًا وعمرًا.
وقد حد المصنف الإسناد، فقال: " الإسناد عبارةً عن تعليق خبر بمخبر