بقوله فارساً، وكذلك لما قال «داري خلف دارك» انبهمت / مسافه الخلف، ففسرت بقوله فرسخا. وأما قوله «لأن الخلف ليس بالفرسخ» أما من حيث المدلول والقطع عن هذا التركيب فصحيح، وأما في هذا التركيب فليس بصحيح، بل مسافه خلف دارك هي الفرسخ.
وأما الثاني فلا أسلم أن امتلأ لا يطلب ماء، بل هو طالب له من حيث إن المطاوع دال علي الحامل، فهو طالب له من حيث المعني وإن لم يصح إسناده إليه.
وقوله يقدر غالبا إسناده إليه مضافا إلي الأول شمل قوله «إسناده إليه» أن يكون منقولا من فاعل، نحو: طابت نفس زيد، في قولك: طاب زيد نفسا، وقال الشاعر:
تلفت نحو الحي حتي وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا
وأن يكون منقولا من المفعول، نحو {وفجرنا الأرض عيونا}، لأن إسناد الفعل إلي ما كان تمييزا وإضافته إلي ما كان انتصب بعدهما يشمل الإسناد إلي النوعين، لكن المصنف فسر في ضرحه أنه يريد بالإسناد إلي الفاعل، قال: «واحترزت بقولي يقدر غالبا من نحو {وفجرنا الأرض عيونا}، وامتلأ الكوز ماء، و {كفى بالله شهيدا}، وما أحسن الحليم رجلا».
فأما قوله تعالي {وفجرنا الأرض عيونا} فقد استدل به علي مجيء التمييز منقولا من المفعول، وإلي أن التمييز يكون منقولا من المفعول ذهب أكثر المتأخرين، وبه قال ابن عصفور وهذا المصنف.