وفي البسيط: «لا يكون النصب إلا اذا كان الأول مقدار: كيلا، وزنا، أو ما في حكمهما، ونويت فيه ذا المقدار، فان نقص أحدهما لم يجز النصب، والمقدار كالمثقال، والرطل، والكر، وعدل كذا، ووزن كزا، ونحوه. وقد تنزل أشياء منزله المقادير وإن لم تكن مقادير، نحو: عندي بيتان تبنا، وحزمتان بقلا، وجبتان حزا، وخاتمان ذهبا، لا تنصب الا حين ترد مقدار الجبتين من الخز، والخاتمين من الذهب، ولو أردت نفس ذلك لخفضت، كقولك: ما فعلت جبة الخز؟ وما فعلت جبتك الخز؟ اتباعا، إلا أن تقطع كالنعت والحال. وتقول: عندي قضيبان عوسج وشوحط، ترفع لأن القضيب وما أشبهه ليس مقدارا لشيء، فان نويت قدر قضيبين من ذلك جررت ذلك» انتهى.

وقال أصحابنا: اذا أريد بالآلات الأشياء المقدرة بها جاز أربعه أوجه:

أحدها: نصب ما بعدها على التمييز. وجاز النصب لأن الأصل في عندي رطل زيتا: عندي مقدار رطل زيتا، وكذلك في: قفيز برا، وذراع ثوبا، واضافه «مقدار» إلى تمييزه لا تمكن لحجز المضاف بينهما، فلما تقرر النصب لما ذكرناه حذفوا المضاف الذي هو مقدار، وأقاموا ما كان مضافا اليه مقامه، فأعربوه بإعرابه، وأبقوا النصب في التمييز علي ما كان عليه في الأصل.

الوجه الثاني: الإضافة علي معني من، لأنه بعض ما أضيف اليه، وذلك أن القفير والرطل والذراع انما يراد بها المقدار المحذوف، وليس لها في اللفظ ما يمنعها من الإضافة ويحجز عنها، فأوثرت الإضافة على النصب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015