والذي ذكر بعد المقادير، كمثقال ذرة خيرا، وذنوب ماء، وحب برا، ونحي سمنا، ومسأب عسلا، وراقود خلا، وجمام المكوك دقيقا، إلي سائر الأمثلة التي ذكرت بعد هذه مما يقتضي مثلية أو غيرية أو تعجبا.

وإنما قال «إلا أبرحت جارا» لأن جارا هو منصوب بالفعل لا لشبه الفعل ولا لشبه شبه الفعل، ولذلك استثناه مما قبله.

وما ذهب إليه المصنف من تمثيله ما ينصبه مميزة لشبه الفعل بقولة: هو مسرور قلبا، ومنشرح صدرا، وطيب نفسا باشتعال رأسه شيبا، وسرعان ذا إهالة - بعيد عن كلام النحاة ومغاير له، لأن المصنف جعل هذا التمييز مما يفسر المفرد، فهو منتصب عن تمام الاسم، وهذا عندهم مما انتصب عن تمام الكلام لا عن تمام الاسم، وكأنه التبس عليه مرادهم، وذلك أن الإبهام الذي يفسره التمييز ويبينه يشمل النوعين، لكن ما انتصب عن تمام الاسم يكون الإبهام حاصلا في الاسم خاصة، وما انتصب عن تمام الكلام يكون الإبهام حاصلا في الإسناد لا في السم الذي هو أحد جزأي الكلام، فإذا قلت «زيد مسرور» فمسرور ليس مبهما في نفسه، بل حصلت نسبة السرور إلي زيد، ولم يبين من أي جهة سروره، فإذا قلت «قلبا» زال الإبهام الذي في الإسناد، وليس كذلك ما انتصب عن تمام الاسم، لأن الاسم في ذاته وفي وضعه هو المبهم، فإذا قلت «عندي عشرون» فعشرون مبهم في وضعه، فإذا قلت «درهما» بينت العشرين ما هي. وكذلك إردب ورطل وذراع من المكيل والموزون والمسموح، الإبهام حاصل فيها من ذوات الأسماء وموضوعاتها من حيث النسبة. والتمييز في قوله منشرح صدرا، وطيب نفسا باشتعال رأسه شيبا، وسرعان ذا إهالة، جميعها عند النحويين مما انتصب عن تمام الكلام لا عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015