على المجرور في المثنى بجهة الأولى، وذلك مثل معدي كرب، فإن من أعربه إعراب المتضايقين قال: قام معدي كرب، فيقدر الضمة في الياء، ومررت بمعدي كرب، فيقدر الكسرة في الياء، ورأيت معدي كرب، فيقدر الفتحة في الياء؛ لأن هذه الياء لا تتحرك في لغة من أعربه إعراب ما لا ينصرف، فقال: قام معدي كرب، ورأيت معدي كرب، ومررت بمعدي كرب، بخلاف رأيت قاضي بلدك، فإنه تظهر فيه الفتحة. فإذا كانوا قد قدروا الفتحة في معدي كرب حالة الإضافة في النصب مراعاة لمن سكنها في لغة من منعه الصرف فالأخرى أن لا يحركوها بالفتح في التثنية؛ إذ حملها على حالة الجر أولى من حمل معدي كرب في الإضافة على حالة ما لا ينصرف، ولمراعاة هذه اللغة - أعني لغة ما لا ينصرف - لم يفتحوا الياء في معدي كرب حالة التركيب، وإن كان المعهود في المركب تركيب مزج أن آخر الأول يفتح لكون الثاني تنزل منزلة تاء التأنيث، فكما لا يكون ما قبل تاء التأنيث إلا مفتوحاً فكذلك هذا، وإذا كانوا قد راعوا في لغة التركيب تركيب مزج لغة إعراب ما لا ينصرف مع اختلاف الحدين - أعني البناء والإعراب - فلأن يراعى ذلك في الشيء الواحد بجهة الأولى والأخرى.
وأما الوجه الثاني فإن القياس ما ذكر فيه، ولذلك لاحظ هذا القياس بنو الحارث بن كعب ومن وافقهم من العرب، فأقروا المثنى بالألف رفعاً ونصباً وجراً، وأما غيرهم من العرب فإنما قلبوا ليفرقوا بين المثنى وغيره.
وقوله: ولا مدلولاً بها عليه مقدراً في متلوها يعني أنك إذا قلت قام الزيدان فعلامة الرفع ضمة مقدرة في الدال منع من ظهورها الألف، والألف دليل على الإعراب، وإذا قلت رأيت الزيدين فعلامة النصب فتحة مقدرة في الدال، وإذا قلت مررت بالزيدين فعلامة الجر فيه كسرة مقدرة في الدال،