وقد روي الرفع بعد بله على معنى كيف، فيرفع، ذكره قطر ب، وأنكره أبو علي. وفي نختصر العين: بله بمعنى كيف، وبمعنى دع.

فأما الجر بعدها- وهو المجمع على سماعه من لسان العرب- فذهب بعض الكوفيين إلى أنها ذاك اسم بمعنى غير، فينجر ما بعدها بالإضافة، فمعنى قوله «بله الأكف»: غير الأكف، فيكون هذا استثناء منقطعاً.

وذهب الفارسي إلى أنها مصدر لم ينطق له بفعل، وهو مضاف لما بعده، وهي إضافة من نصب. وذهب الأخفش إلى أنها حرف جر.

وأما النصب فيكون على أنه مفعول، وبله مصدر موضوع موضع الفعل، أو اسم فعل ليس من لفظ الفعل، فإذا قلت «قام القوم بله زيداً» فكأنك قلت: تركا زيداً، أو دع زيداً.

وأما الرفع فعلى الابتداء، وبله بمعنى كيف في موضع الخبر، وهو شبيه بقولهم: ما مررت برجلٍ مسلمٍ فكيف رجل راغب في الصدقة.

وقال ابن عصفور: «فأما بله فإدخالها في باب الاستثناء فاسد؛ لأنك إذا قلت قام القوم بله زيداً فإنما معناه عندنا: دع زيداً، ولا يتعرض للإخبار عنه، وليس المعنى: إلا زيداً؛ ألا ترى أن المعنى في البيت: دع الأكف فهذه صفتها، ولم يرد استثناء الأكف من الجماجم».

قال شيخنا الأستاذ أبو الحسن بن البضائع: «زعم- يعني ابن عصفور- أن معناها في البيت: دع الأكف فهذه صفتها، وهذا مناقض لقوله «كأنها لم تخلق»،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015