الاستثناء؛ وإنما امتنع النصب على الاستثناء لأن معنى الآية يكون إذ ذاك: لو كان فيهما آلهة ولم يكن الله في تلك الآلهة لفسدتا، وهذا المعنى غير مستقيم؛ لأنه يلزم عنه أنه لو كان فيهما آلهة فيها الله لم تفسدا، وذلك باطل.
فالجواب أن تقول: إن الاستثناء إنما يمتنع في الآية إذا قدر متصلًا، وأما إذا قدر منقطعًا فمعنى الاستثناء / [4: 63/ ب] صحيح؛ لأن المعنى إذ ذاك يكون: لو كان فيهما آلهة لفسدتا، لكن فيهما الله، وهو واحد، فلم تفسدا، فلما ساغ الاستثناء المنفصل ساغ الوصف؛ لأن الوصف إنما يكون حيث يتصور الاستثناء على وجه من الوجوه، والاستثناء المنفصل في الآية سائغ، فالوصف أيضًا سائغ، ولذلك قال الجرمي والمبرد في قوله تعالى {فَلَوْلا كَانَ مِنَ القُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ}: لو رفع القليل على الصفة للمرفوع قبله لكان حسنًا لو قرئ به. فأجازا الوصف بـ "إلا" وما بعدها مع أن الاستثناء بها في الآية لا يكون إلا منقطعًا.
ومما يدل على أن الوصف بـ "إلا" حيث لا يكون الاستثناء إلا منقطعًا سائغ قول أبي زبيد:
لدم ضائع، تغيب عنه أقربوه إلا الصبا والجبوب
فـ "أقربوه" موصوف بـ "إلا الصبا والجنوب"، والصبا والمعطوف عليه ليس من جنسه، قال أبو الحسن الأخفش: "والقصيدة التي منها هذا البيت مرفوعة" انتهى.
وكما تؤول الآية يمكن أن يؤول المثال الذي ذكره س، وهو: لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا، أي: لكن معنا زيد فلا نغلب.