واحترز بقوله العامل فيه ابتداءٌ أو أحد نواسخه من أن يكون العامل فيه غير ذلك، مثاله: ما شكر رجلٌ أكرمته إلا زيدٌ، وما مررت بأحدٍ أعرفه إلا عمروٍ، / [4: 47/ أ] فيلزم إتباع الظاهر، ولا يجوز إتباع الضمير؛ لأن المعنى: ما شكر ممن أكرمتهم إلا زيدٌ، وما مررت ممن أعرفهم إلا بعمروٍ، ولا تأثير للنفي في أكرمت، ولا في أعرف، بل هما مثبتان، فلذلك امتنع إتباع معموليهما.
والظاهر أن قوله "العامل فيه ابتداءٌ أو أحد نواسخه" يشمل أن يكون المبتدأ أو معمول أحد النواسخ نكرةً ومعرفة، لكن النحويون - فيما وقفت عليه - لا يمثلون إلا بالنكرة، والذي يظهر مساواة المعرفة للنكرة في ذلك، فتقول: ما القوم يقولون ذاك إلا زيدٌ، وما إخوتك يقولون ذلك إلا زيدٌ. وهل تجري الحال مجرى الصفة فيما ذكر، نحو: ما إخوتك في البيت عاتبين عليك إلا زيدٌ، فيكون يجوز في زيد أن يكون بدلًا من القوم، وأن يكون بدلًا من الضمير المستكن في عاتبين؟ في جواز ذلك نظر، والقياس يقتضيه؛ لأن الحال متوجه عليها النفي في المعنى.
ويرد على قوله أو أحد نواسخه أن بعض النواسخ مما دخل عليه حرف النفي أو ما أشبهه لا يجوز فيه ما ذكر؛ وذلك ما زال وأخواتها، فإذا قلت: ما زال وفدٌ من بني تميم يسترفدنا إلا زيدٌ، فإنه لا يجوز في إلا زيد أن يكون بدلًا من وافد، ولا من الضمير؛ لأنه ليس هنا نفي حقيقة، بل هو نفي معناه الإيجاب، فكان ينبغي للمصنف أن يحترز منه؛ لأنه يصدق عليه جميع ما ذكر من القيود في المسألة.
وذكر المصنف وغيره الإتباع في ذلك على البدل يدل على أن المبتدأ أو الناسخ يدخل عليه النفي أو ما جرى مجراه؛ فلا يحتاج في ذلك إلى نص على النفي؛ لأن البدل لا يكون إلا مع النفي أو ما أشبهه، كما ذكره بعضهم، فقال: وإذا توجه النفي على مبتدأ، أو على فعل داخل عليه، ووقع في الخبر ضمير له، ثم