وقد رد المصنف مذهب من زعم أنه منصوب بما قبله من فعل أو غيره بوساطة إلا بصحة تكرير الاستثناء؛ نحو: قبضت عشرة إلا أربعة إلا درهمًا إلا رُبعًا؛ إذ لا فعل في المثال المذكور إلا قبضت، فإذا جعل معدي بـ"إلا" لزم تعديته إلى الأربعة بمعنى الحط، وإلى الدرهم بمعنى الجبر، وإلى الربع بمعنى الحط، وذلك حكمٌ بما لا نظير له، فإنه استعمال فعل واحد معدي بحرف واحد على معنيين متضادين. انتهى هذا الوجه من الرد.
ولا حجة فيه؛ لأنه قد يُعدي الفعل بحرفٍ واحد إلى معنيين مختلفين إذا كان الحرف صالحًا لذلك؛ ولا فرق بين كونهما متضادين أو مختلفين، تقول: رأيت زيدًا بثيابه بالبصرة بقصدٍ مني، فالباء الأولى للمصاحبة، والثاني للظرفية، والثالثة للسبب، وكله تتعلق برأيت، فكذلك تعدى الفعل بوساطة إلا إلى هذه المنصوبات؛ لأنه قعد تقرر أن الاستثناء من الموجب منفي، ومن المنفي موجب، فمعنى إلا أربعة: لم أقبضها، ومعنى إلا درهمًا: فقبضته، ومعنى إلا رُبعًا: لم أقبضه.
قال المصنف: "وكذا لو كررت إلا دون / [4: 34/ ب] تخالف في المعنى، نحو: قاموا إلا زيدًا إلا عمرًا، فإن الثاني موافق للأول في المعنى، فإن جُعلا منصوبين بالفعل مُعدي إليهما بإلا لزم من ذلك عدم النظير؛ إذ ليس في الكلام فعل مُعدي بحرف واحد إلى شيئين دون عطف، فوجب اجتنابه" انتهى.
ورد ما نقله ابن عصفور عن السيرافي وابن الباذش بأنه قد ينتصب الاسم بعد إلا ولم يتقدمه فعل؛ نحو قولك: القوم إخوتك إلا زيدًا.