لما أوقعوا بعدها اللفظ المفرد كما يقع بعدها وهي استثناء سموها استثناء؛ فإذا قلت ما في الدار أحدٌ إلا حمارًا فالمعنى: لكن فيها حمارًا، ويُفهم هذا من مخالفة / [4: 31/ أ] ما بعدها لما قبلها، إلا أن لكن لا يجوز فيها ذلك حتى يقع بعدها كلام تام، إلا أن تكون عاطفة، فلذلك سموا لكن الخفيفة حرف ابتداء واستدراك، بمعنى أنها حرف يقع بعدها كلام مبتدأ، ولم يصح ذلك في إلا لأنها لا يقع بعدها كلام مستأنف، فلقبوها بالاستثناء تشبيهًا بها إذا كانت استثناءً حقيقة، وتفريقًا بينها وبين لكن لاختلاف حكمهما" انتهى كلامه.
وتقدير إلا بلكن هو تفسير معنى؛ لأن لكن كما ذكر يكون بعدها كلام مستأنف، وإلا مع ما بعدها ليست بكلام مستأنف، فلم يبق إلا أن تكون من تمام الكلام الأول، وإذا كانت من تمامه وجب أن يُعتقد فيما بعدها أنه منصوب على الاستثناء؛ إذ ليس له نظير من المنصوبات إلا المنصوب على الاستثناء المتصل؛ ألا ترى أنه واقع بعد إلا، ومنتصب عن تمام الكلام الأول، وخارج عن حكم ما قبله، كما أن الاسم الواقع بعد الاستثناء المتصل كذلك، لا فرق بينهما أكثر من أن ما يبقى بعد إلا في الاتصال لولا الاستثناء لكان داخلًا فيما قبله، وفي الانقطاع ليس كذلك.
وزعم بعض النحويين - ومنهم أبو الحجاج بن يسعون - أن إلا مع الاسم الواقع بعدها إذا كان منقطعًا من الأول تكون كلامًا مستأنفًا؛ فزعم أن مثل قوله:
...................... ............... وما بالربع من أحد
إلا أواري ............... ...................................