ويمكن أن يكون من هذا {إلاَّ امْرَأَتَكَ إنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} في قراءة من رفع, على أن يكون (امرأتك) مبتدأ, وخبره ما بعده, وبهذا التوجيه يكون الاستثناء في النصب والرفع من {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}، وهو أولى من أن يكون المنصوب من (أهلك)، والمرفوع من (أحد).
ومن ذلك: إن لفلان مالًا أنه شقي, وما زاد إلا ما نقص, وما نفع إلا ما ضر, ولا تكونن من فلان في شيء إلا سلامًا بسلام, وهي من أمثلة س, ومن أمثلة غيره: جاء الصالحون إلا الطالحين, وجاء زيد إلا عمرًا, وما في الأرض أخبث منه إلا إياه. فالمستثنى في هذه الأمثلة ليس مخرجًا تحقيقًا بل تقديرًا, فكأنك قلت: عدم البؤس, ثم استثنيت من البؤس كونه شقيًا, وكأنك قلت, ما عرض له عارض, ثم استثنيت من العارض النقص, وكأنك قلت: ما أفاد شيئًا إلا ضرًا, وكأنك قلت: لا تعامله بشيء إلا متاركة, وكأن السامع توهم مجيء غير الصالحين, فأزلت توهمه بالاستثناء, وكأنك عرفت علم السامع بمرافقة زيد لعمرو, وقدرت أنه توهم أنك اقتصرت على زيد اتكالًا على علم السامع بترافقهما؛ فأزلت توهمه بالاستثناء, وكأنك قلت: ما يليق خبثه بأحد إلا إياه, وتسلم هذا السبيل فيما ورد من أمثال هذا.