ومن ذلك المستثنى السابق زمانه زمان المستثنى منه, نحو {ولا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}، لم يدخل (ما قد سلف) فيما قبله, لكنه جائز أن تبقى المؤاخذة به, فبين بالاستثناء عدم بقائها, فكأنه قيل: الناكح ما نكح أبوه مؤاخذ بفعله إلا ما قد سلف.
ومن ذلك قولهم: لأفعلن كذا وكذا إلا حل ذلك أن أفعل كذا, مثل به س, ثم قال: "فأن أفعل كذا وكذا بمنزلة فعل كذا وكذا, وهو مبني على حل, وحل مبتدأ, كأنه قال: ولكن حل ذلك أن أفعل كذا وكذا".
ولما كان حل مرفوعًا اعتذر عنه بأنه جملة, فلو كان موضعه مفرد كان منصوبًا, فالجملة في موضع نصب, ولذلك أحتاج إلى ذكر: والله لا أفعل إلا أن تفعل؛ لأنه فعل, فلم يظهر فيه حكم الاستثناء, وفسره س بـ "حتى تفعل"، وهو تفسير معنى؛ لأن أن قد نصبت الفعل, فهو مصدر, فلم تدخل حتى, فإنما الكلام على حذف مضاف, كأنه قال: لا أفعل ذلك إلا وقت فعل, فيكون استثناء من عموم الحكم.
وزعم المبرد أن هذا على معنى: لا أفعل إلا بأن تفعل, أي: لا أفعل إلا بسبب فعلك.
وما ذهب إليه يمكن أن يساعده المعنى, لكن إنما يقال ذلك بمعنى أن الفعل مقترن بالفعل الآخر غير متراخ عنه, ومذهب المبرد لا يتعرض لشيء من هذا, وإنما دل على أن الفعل بسبب هذا الفعل, فيمكن أن يكون بعده بزمان, فإن نقل أنه يقال في هذا المعنى كان حسنًا.