وقال ابن عصفور: "هذا الذي استدل به - يعني الفارسي- هو الذي عول عليه أكثر النحويين، وهو عندي ضعيف؛ لأن العرب تفصل بين المضاف والمضاف إليه بحرف الجر ملفوظًا به في باب لا، نحو قولك: لا أبا لك، وفي باب النداء، نحو قوله:
................. يا بؤس للجهل ضرارًا لأقوام
وإذا لم يعتدوا به فاصلًا وهو ملفوظ به فالأحرى ألا يعتدوا به فاصلًا وهو مقدر، وليس ما ذكروه من أن المقدر بمنزلة الملفوظ به صحيحًا؛ إذ لو كان كذلك لم يصل الفعل إلى نصب الظرف كما لا يصل إليه مع التلفظ بـ "في"، بل لقائل أن يقول: كما لم يعتدوا بـ "في" المقدرة، ولذلك نصبوا، كذلك ينبغي ألا يعتدوا بها إذا أضافوا، وإلى ذلك ذهب أبو موسى الجزولي، فإنه أجاز الإضافة مع بقاء الظرفية.
فإن قال قائل: إنما جاز الفصل باللام لأنها مؤكدة لمعنى الإضافة من حيث كانت على معنى اللام، ولذلك لم يجز الفصل بغيرها من حروف الجر التي لا يوافق معناها معنى الإضافة، فأما قوله:
وقد علمت أن لا أخا بعشوزن ولا جار إذ أرهقتها بالحوافر
فالأخ ليس بمضاف، وإنما جاء به على لغة من يقول أخا كعصا، والظرف على تقدير في، ومعنى في غير موافق لمعنى الإضافة، فلذلك لم تجز الإضافة إلى الظرف.