وكان قياس هذه الأسماء ألا تستعمل منصوبة على الظرف لاختصاصها، إلا أنه سهل ذلك أنها استعملت على طريق التمثيل للقرب والبعد، فإذا قلت "زيدٌ مني مناط الثريا" فالتقدير: مكانًا مثل مناط الثريا مني؛ بدليل قول الشاعر:

.......................... مناط الثريا من يد المتناول

أو الثريا من الدبران؛ بدليل قول الآخر:

......................... مناط الثريا من يد الدبران

وكذلك باقيها، فحذف في جميع ذلك الظرف المبهم، وأُقيمت صفته مقامه، فأُعربت بإعرابه، وحُذف المضاف الذي هو مثل، وأُقيمت هذه الأسماء المشتقة من الفعل مقامه، وأُعربت بإعرابه، فانتصبت لذلك على الظرف من قبل ما قامت مقامه لا من قبل أنفسها. وانتصابها على الظرف مع ذلك شاذ؛ لأن المضاف إذا حُذف لم يقم ما أُضيف إليه مقامه، ولم يُعرب بإعرابه، إلا بشرط ألا يكون هناك ما يمنع من إقامتها مقامه، وهذا المانع موجود هنا من جهة أن مثلًا نكرة مبهم، فساغ انتصابه على الظرف، وهذا معارف مختصة، فلم يصلح أن تنتصب على الظرف.

وذهب الكسائي إلى أن انتصاب هذه الأسماء المختصة المشتقة من الفعل انتصاب الظروف مقيس. وذلك نزعة من / [3: 196/ أ] الخليل؛ حيث أجاز في "له صوتٌ صوت الحمار" أن يعرب "صوت الحمار" صفة لـ"صوتٌ" حكمًا له بحكم ما ناب عنه، وهو مثل، ولم يجعل التعريف مانعًا من ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015