الرؤية واقعة في يوم الجمعة؟ والجواب في هذا أنك تقول: رأيت زيداً يومَ الجمعة، وإنما رأيتَه في بعضه أو في جميعه، فهل يستقيم علي هذا أن تقول: ما رأيته مذ يومِ الجمعة، فيقع النفي في جميعه كما كانت الرؤية مستقيمة في جميعه؟ ويجوز أن يكون النفي واقعاً علي بعضه».

والصحيح ما ذهب إليه أبو الحسن وأبو العباس في مقتضيه؛ لأنك لا تقول ما رأيته مذ يومِ الجمعة إلا وقد وقع فقد الرؤية بعد دخول الوقت الذي يقال له يوم الجمعة؛ إذ لو كان فقد قبل طلوع الفجر لَمَا كان فاقداً للرؤية الجمعة بل ليلة الجمعة.

المسألة الثالثة: مذ ومنذ لا يتقدمهما من الأفعال إلا الأفعال المنفية لفظاً ومعني، أو المنفية لفظاً، أو الأفعال الموجبة التي تقتضي الدوام، نحو: ما رأيتُ زيداً مذ يوم الجمعة، وما زلتُ أَصحَبُك منذ سنةٍ، أو صَحِبتُه مذ يومِ الجمعة، وسرتُ مذ يومِ الجمعة إذا أردت اتصال السير.

قال أبو الحسن في «الكبير» له: لو قلت: رأيته مذ يومِ الجمعة، وأنت تعني أنك رأيته يوم الجمعة، ثم انقطعت الرؤية إلي ساعتك لم يجز. وقال أبو بكر في «الأصول» له: «تقول: أنا أراك مذ سنة تتكلم في حالة، إذا أردت أنك في حال رؤيته مذ سنة». قال: «ولذلك قلت أراك لأنك تخبر عن حال لم تنقطع، فإن أردت أنك رأيته ثم غَبَرتَ سنةَ لا تراه قلت: رأيتك مذ سنة؛ لأنك أخبرت عن رؤيةٍ مضت وانقطعت».

وقال بن عصفور: والصحيح ما ذهب إليه أبو الحسن من أنه لا يراد بما بعدهما تبيين مدة الانقطاع، أو تبيين أول مدة الانقطاع إلا بعد الفعل المنفي. وأمّا إذا وقعا بعد الفعل الموجب فإنما يراد بهما تبيين مدة دوام الفعل أو تبيين أول مدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015