قالوا: ما كلِّمتُه قَطُّ، فضموا الطاء لأنَّ المعني: ما كلَّمتُه مِن أوَّلِ دَهري إلي هذا الوقت، فنابت قَطُّ عن مِن وإلي، ثم ضّمُّوا الميم إتباعاً لحركة الذال. ومَن قال مُذْ، فحذف النونَ رَدَّ الذال إلي أصلها من السكون لزوال موجب تحريكها. ومَن قال مِنَ العرب: مُذُ يومان، ومُذُ اليوم أَتبَع.
ورُدَّ مذهب الفراء بعُرُوِّ الصلة عن رابط، وبأنَّ ذو موصولة لا يَتكلم بها إلا طييء ومذْ ومنذُ يَتكلم بهما جميع العرب. ورُدَّ مذهب التركيب مِنْ «مِنْ» و «إذْ» بأنّ مِن لا يجوز دخولها علي إذ.
وقوله وهي الأصل يعني أنّ مُنْذُ أصل مُذْ. واستدلّ المصنف علي كون منذ أصلاً لِمُذْ بدليلين، قال في الشرح: «أحدهما أنّ ذال مُذ تُضم لملاقاة ساكن، كما يُفعل بميم هُم، وليس ذلك إلا لأنّ أصلها مُنذُ بالضم، فرُوجِع به الأصل حين احتيج إلي تحريكها، فقيل: لم أره مُذُ الجمعة، كما رُجع إلي الأصل في نحو: هُمُ القوم، ولو لم يكن الأصل الضم لقيل مُذِ الجمعة، كما قيل: {قُمِ الَّيْلَ}، وقد يقال: مُذِ الجمعة، كما قد يقال:
................................... وهُمِ القُضاةُ ومِنْهُمِ الحُكّامُ
والثاني: أنّ بني غَنِيّ يضمون الذال قبل متحرك باعتبار أنّ النون محذوفة لفظاً لا نِيّة، فلو لم يكن الأصل منذ لم يصح هذا الاعتبار. ونظير هذا قولهم في لَدُنْ وقَطٌّ لَدُ وقَطُ، بضم الدال والطاء بعد الحذف علي تقدير ثبوت المحذوف» انتهي.
وقال ابن عصفور قريباً مما قاله المصنف، قال: وإنما جُعلت محذوفة منها لاتفاقهما في الحروف والمعني، ومما يبين صحة ذلك أنّ مِن العرب مَن يقول: ما