ومسألتنا هذه الإتباع فيها بيِّن علي معني المبالغة، فكأنه لارتباط حضور الأسد عند الخروج معلل بالخروج وإن كان ليس معلَّلاً في الأصل، وإنما هي موافقة ومصادفة،/ ولكن للزوم العلة والمعلول جعل هذا مثله يعطف بالفاء، ومع أنَّ في قولك فإذا زيد معني: فحضرني زيد، وأنت لو قلت خرجتُ فحضرني زيدٌ لم يكن خَلفاً من الكلام، ولم يشك في أنَ الفاء عاطفة، فجاز هذا الجواز ذلك، فعلي هذا يكون توجيه مبرمان صحيحاً». انتهي. [3: 178/ب]
والذي يقطع بأنّ الفاء عاطفة وقوع غيرها من حروف العطف مقامها، كقوله {ثُمَّ إذَآ أَنتُم بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ}، فـ «ثُمَّ» لا يصلح أن تكون دخلت دخولها في جواب الشرط؛ لأن ثُمَّ لا يُلَقَّي بها جواب الشرط، ودعوي الزيادة فيها علي خلاف الأصل، فثبت أنها عاطفة.
وما ذهب إليه المصنف من أنَّ إذا الفجائية حرف هو اختيار الأستاذ أبي علي في أحد قوليه. قال المصنف: «وروي عن الأخفض أنها حرف دالٌّ علي المفاجأة، وهو الصحيح عندي، ويدل علي صحته ثمانية أوجه:
أحدهما: أنها كلمة تدل علي معني في غيرها غير صالحة لشيء من علامان الأسماء والأفعال» انتهي.
وما ذكر من أنها تدلُّ علي معني في غيرها ليس كما ذكر، بل مَن جعلها ظرف زمان قدر: فالزمان زيدٌ قائمٌ، أي: ففي الزمان الذي خرجتُ فيه زيدٌ قائمٌ. ومن جعلها ظرف مكان قدَّر: فبِحَضرَتي زيدٌ قائمٌ. فقد دلت بهذين التقديرين علي معني في نفسها.