ورَدُّوا على ابن جِنِّيْ بأمرين:

أحدهما: أنَّ العرب لا تحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه إلا في المفردات.

والآخر: أنها لم تضفها لمفرد حتى يكون مصدراً، ولم تضفها لزمان، وقول ابن جني «إنّ الظرف في الزمان يشبه المصدر». ليس بمسوِّغ إضافة بينا إليه؛ لأنه ليس فيه دلالة علي معني الفعل المقتضي للجواب كما في المصدر دلالة عليه.

فإن قلت: إنما تضاف بينَ إلي شيئين فصاعداً، فلذلك لزم أن يقدر: بَينا أوقاتِ زيدٌ قائمٌ.

فالجواب: أنها قد تضاف إلي الواحد المتجزِّئ، فكذلك تضاف إلي الجملة، فـ «بَينا زيدٌ قائمٌ» في المعني بمنزلة: بَينا قيامُ زيد، وبَينا تضاف إلي المصدر لأنه متجزِّئ، فكذلك إلي الجملة.

وقوله وقد تُضاف بَينا إلي المصدر اختصاصه بَينا دون يدلُّ علي أنَّ حكمهما في ذلك مختلف.

فأمّا بَينما فجعلها بعضهم من قبيل ما لا يليه إلا الجملة، وهو ظاهر كلام المصنف.

وذهب بعضهم إلي أنها من قبيل ما تليه الجملة تارة والمفرد أخري، فأجازوا بَينما قيامِ زيدٍ قامَ عمرٌو. والصحيح أنه لا يجوز؛ لأنه لم يُسمع، ولا يسوغ قياس بَينَما علي بَينا.

وتخصيصه جواز إضافة بَينا إلي المصدر دليل علي أنه لا تجوز إضافته إلي الجُثَث، والحكم كذلك لا يجوز في الجثة الخفض بحال. والسبب في أنَّ بَينا لا يليها إلا الجملة، أو المفرد بشرط- أنها تستدعي جواباً، فلم يقع بعدها إلا ما يعطي معني الفعل، وذلك الجملة، والمصدر من المفردات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015