وأما «هنيئاً لك» فهنيء صفة للمبالغة، تقول هنأني الطعام، أي: ساغ لي وطاب، واسم الفاعل هاناء، وهنيء فعيل للمبالغة. ويجوز أن يكون صفة من هنؤ الطعام: إذا ساغ ولا تنغيص فيه، كما تقول: شرف فهو شريف. وكذلك مريئاً، يحتمل أن يكون من هنأني الطعام ومرأني، ومن هنؤ الطعام ومرؤ. فإذا لم يكن هنأني قلت: أمرأني، رباعياً، واستعمل مع هنأني ثلاثياً للإتباع. قيل: واشتقاق الهنيء من هناء البعير، وهو الدواء الذي يطلى به، ويوضع في عقره، قال الشاعر:
متبذل، تبدو محاسنه ... يضع الهناء مواضع النقب
والمريء: ما يساغ في الحلق، ومنه قيل لمجرى الطعام من الحلقوم إلى فم المعدة: المريء.
قال س: «هنيئاً مريئاً صفتان، نصبوهما نصب المصادر المدعو بها بالفعل غير المستعمل إظهاره؛ المختزل للدلالة التي في الكلام عليه، كأنهم قالوا: ثبت ذلك هنيئاً مريئاً» انتهى. ومريئاً تابع لهنيئاً.
وذهب الزمخشري في قوله تعالى: {هَنِيئًا مَرِيئًا} إلى أن انتصابه على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: فكلوه أكلاً هنيئاً، أو على أنه حال من ضمير المفعول.
وهو قول مخالف لقول أئمة العربية س وغيره، فعلى ما قاله أئمة العربية يكون: {هَنِيئًا مَرِيئًا} من جملة أخرى غير قوله: {فَكُلُوهُ}، ولا تعلق له به من حيث الإعراب، بل من حيث المعنى.